كورونا اسرع فيروس انتشارا في تاريخ البشرية

لا تزال سرعة انتشار وباء "كورونا" المستجد تحيّر العلماء وتؤرق سكان كوكب الأرض. فالفيروس، الذي ظنه الجميع مجرد حالة عابرة سرعان ما يتم احتواؤها داخل حدود الصين، يرتع اليوم في أجساد أكثر من 2,4 مليون مصاب حول العالم، متمتعاً بقدراتٍ فائقةٍ على الانتشار الذي يمكن أن يكون صامتاً وسرياً في بعض الأحيان.تدخل قدرات فيروس "كورنا" الانتشارية ضمن التطورات التي شهدتها الفيروسات خلال العقود الثلاثة الماضية التي اتسمت بتفشي الأوبئة القاتلة وانتشارها السريع، مقارنةً بما شهده العالم خلال القرون الماضية. فالأرض تمتلئ أكثر فأكثر بسكانها، البالغ عددهم اليوم 7,7 مليار نسمة، يعيشون في مساحاتٍ تتقلص يومياً، ما يقرّب المسافات بينهم شيئاً فشيئاً. وبارتفاع هذا التعداد، تزداد معه مخاطر التعرض للعدوى والإصابة بالأمراض.ويستغل الفيروس المستجد أجساد البشر من أجل البقاء، لأنه لا يستطيع العيش لفترات طويلة خارج الجسم، ما يدفعه للانتشار من شخصٍ إلى آخر بسرعة، بحثاً عن سكنٍ جديد.وهذا ما يميّز "كوفيد-19" عن أسلافه مثل "إيبولا" و"سراس" اللذين كانا ينتشران بين الأشخاص ذوي الروابط الوثيقة، وأحياناً الحميمة أيضاً، كونهما ينتقلان عن طريق الدم أو سوائل الجسم الأخرى، مثلها في ذلك مثل الكثير من الفيروسات بما فيها تلك التي تنتقل من الحشرات أو الحيوانات إلى الإنسان. كما أن بروتينات فيروس "كورونا" تمتلك قدرةً هائلة على التشبث بخلايا البشر، لا سيما لدى الفئات الأكثر هشاشةً والأقل مناعةً.فيروس يأنس إلى المواقع ذات الكثافة السكانية العالية جداويستند العلماء والباحثون، في دراساتهم حول سرعة انتشار الفيروس، على قاسمٍ مشترك بين المناطق الأكثر إصابةً وضرراً، أي المدن الكبرى، مثل جزيرة فرنسا (باريس وضواحيها)، ولاية نيويورك الأمريكية، مدينة ميلانو الإيطالية، وقبلهم "ووهان" الصينية، جميعها مكتظةٌ بالسكان ويصعب فيها الالتزام بالمسافات الاجتماعية المناسبة.فالسنوات العشر الماضية شهدت هجرة مضاعفة نحو المدن، ما جعل أكثر من نصف سكان العالم يعيشون على نحو 1% فقط من مساحة كوكب الأرض، الأمر الذي يفسر منحنيات الإصابة المتصاعدة بـ"دالّة أُسّية"، وسلاسل عدوى لا يكسرها، وفق علماء الرياضيات، سوى امتثال الناس للإجراءات الوقائية المطلوبة.
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص