سرت مقراً للحكومة الليبية الجديدة... قرار سديد، لكن لصالح من؟


أعلن مجلس النواب الليبي برئاسة المستشار عقيلة صالح في مارس الماضي عن سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية بعد أن فشلت في إجراء الإنتخابات الرئاسية آواخر العام الماضي وتكليف حكومة جديدة برئاسة وزير الداخلية السابق بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا.

وكان من المقرر ان تُباشر الحكومة الجديدة مهامها من العاصمة الليبية طرابلس، إلا ان رئيس حكومة الوحدة، عبد الحميد الدبيبة، رفض تسليم مهامه لبديله الجديد وأكد على تمسكه بمنصبه إلى حين إجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية وفق خارطة الحل السياسي السلمي والتي تم التوصل إليها خلال ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف.

ورغم محاولات فتحي باشاغا دخول طرابلس إلا ان جميعها باءت بالفشل بسب تحشيدات الميليشيات والمرتزقة المدعومة من حكومة الدبيبة ومنعها لباشاغا من دخول العاصمة بإستخدام قوة السلاح.

هذا الفشل دفع فتحي باشاغا للإعلان عن إتخاذ مدينة سرت الواقعة تحت حماية الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر مقراً لحكومته لضمان عمل الحكومة بأفضل صورة ممكنة بعيداً عن سطوة الميليشيات والمرتزقة في طرابلس وللمضي قدماً نحو إنتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة.

لكن لهذا القرار بُعد آخر، حيث أنه وبحسب المحللين فإن إتخاذ سرت مقراً للحكومة الجديدة الهدف منه بسط النفوذ التركي في البلاد ليصل للمنطقة الشرقية، التي لطالما سعت تركيا للوصول إليها عبر ميليشياتها ومرتزقتها السوريين المتواجدين في طرابلس.

فالمنطقة الشرقية الواقعة تحت حماية الجيش الوطني الليبي بها العديد من الحقول النفطية والموانئ البحرية التي تسعى تركيا للسيطرة عليها، وبوجود فتحي باشاغا، ذو العلاقة الوطيدة بتركيا، سيسهل على الجانب التركي مهمتهم الرامية لبسط السيطرة على جميع ربوع ليبيا.

فبعد أيام قليلة من إعلان مدينة سرت مقراً للحكومة الجديدة، وردت تقارير عن مخطط تركي لإنشاء قاعدة جوية عسكرية جديدة، في جنوب شرق مدينة مصراتة، وغربي مدينة سرت، لدعم تواجد القوات التركية في المنطقة.

وبحسب التقارير فإن فرق تركية متخصصة في سلاحي الجو، والدفاع الجوي، باشرت في تقييم الموقع الذي تم تحديده، في مهبط النموة الذي يبعد عن مدينة مصراتة حوالي 72 كم في اتجاه الجنوب الشرقي، بالقرب من منطقة السدادة التي تتوسط المنطقة الوسطى بالكامل.

وتعتبر إعادة تأهيل هذا المهبط، وتحويله إلى قاعدة عسكرية، بمثابة نقطة متقدمة للتواجد التركي في اتجاه وسط وشرق ليبيا، نظراً للموقع المميز الذي سيمكن الطائرات الحربية، والطيران المسير  التركي، من التحرك بشكل أكثر يسراً مما كان عليه عندما كان يعتمد على مواقع في عمق مدينة مصراتة، وغيرها باتجاه الغرب، فهذا المطار يبعد حوالى 70 كم عن قاعدة الكلية الجوية مصراتة، و170 كم عن قاعدة القرضابية بسرت، و290 كم عن قاعدة الجفرة.

هذا كما تقدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخطاب للبرلمان التركي للتمديد لتواجد القوات التركية في ليبيا لمدة 18 شهراً. وبحسب البيان فقد قال أردوغان أن الهدف من إرسال قوات تركية إلى ليبيا هو حماية المصالح الوطنية في إطار القانون الدولي، واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة ضدّ المخاطر الأمنية التي مصدرها جماعات مسلحة غير شرعية في ليبيا.

إتخاذ سرت مقراً للحكومة الجديدة خطوة جيدة لضمان السير نحو تحقيق مطالب أكثر من 2.8 مليون ليبي وإجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية بعيداً عن الميليشيات والمرتزقة، كونها تقع تحت حماية الجيش الوطني الليبي. لكن وفي الوقت ذاته فإن العلاقة المشبوهة بين رئيس الحكومة الجديدة، فتحي باشاغا، وتركيا تُرجح فكرة أن يكون هذا القرار الهدف منه تحقيق أطماع الاخيرة في ليبيا لا مطالب الشعب الليبي.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص