ليبيا تواجه الفوضى من جديد لكن هناك عوامل يمكنها أن تعمل على إنهائها

أصبح تاريخ ليبيا مليئاً بالأحداث بعد فشل إجراء الانتخابات الرئاسية نهاية العام المنصرم والتي أفضت إلى تشكل حكومتين متنازعتين على السلطة الى الآن، إحداها حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الذي جاء بنتيجة منتدى الحوار السياسي الليبي كرئيس للوزراء، والأخرى بقيادة فتحي باشاغا الذي عينه البرلمان الليبي لمرحلة إنتفالية جديدة تمهيداً لإجراء الانتخابات.
ويُشار الى أن أهم أسباب فشل الانتخابات كان التهديد الميليشياوي للعملية الانتخابية، وعدم وجود مناخ ملائم لإجرائها، والذي حدث بسبب عدم إستجابة جميع العناصر الأجنبية والمرتزقة بطلب الأمم المتحدة بضرورة خروجهم من ليبيا، من ذلك قوات فاغنر الروسية.
لكن عديد التقارير أشارت في وقت سابق إلى قيام قوات الشركة العسكرية فاغنر بسحب جزء كبير من قواتها خارج البلاد، في حين بقيت قوات أخرى هناك، مما زاد الوضع سوءاً.
في نفس السياق، تشير التطورات الميدانية إلى تفاقم الأزمة يوماً بعد يوم بسبب رفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية منتهية الصلاحية، عبد الحميد الدبيبة،  تسليم مهامه لحكومة الإستقرار المُكلفة من قِبل مجلس النواب الليبي.
هذا الأمر زاد من سوء الأوضاع الأمنية في البلاد وبالأخص في العاصمة الليبية طرابلس، بظهور تحشيدات للميليشيات المسلحة في شوارعها، وزيادة عدد الإشتباكات فيما بينها.
فالدبيبة كما باشاغا من أبناء مصراتة، وميليشيات مصراتة من أهم وأقوى الميليشيات في الغرب الليبي، لذلك حدث إنقسام بين قياداتها حول شرعية كل منهما وتأييد أي منهما. والإنقسام بالتالي توزع على باقي الميليشيات، مع الأخذ بعين الإعتبار عدم وجود سلطة تستطيع السيطرة عليها وحالة الإحتقان التي تواجهها بسبب هذه الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة، ناهيك عن إرتباطها بأجندات خارجية وداخلية تؤزم الوضع في البلاد. 
فقد اندلعت مساء أمس اشتباكات مسلحة بالأسلحة المتوسطة والثقيلة، بين الميليشيات المتواجدة في مدينة الزاوية قرب منطقة الشرفاء في المدينة، جاءت على خلفية مقتل عنصر ينتمي لاحدى الميليشيات.
في حين أفاد مصدر أمني، بمقتل المليشياوي فراس الحطاب، وإصابة الميليشياوي عبد المعز القوي التابعين لميلشيا القصب إصابة خطيرة في الرأس وأربع جرحى آخرين، إضافة الى اصابة منزل المواطن ( محمد الشريف ) واحتراقه جراء اصابته بمقذوف. ناهيك عن حالة الرعب والخوف التي عاشها أهالي تلك المنطقة.
من جانبها، أعربت المنظمة العربية لحقوق الإنسان بليبيا، عن عميق قلقها وإدانتها للاشتباكات المسلحة التي اندلعت بمدينة الزاوية بين تشكيلات مسلحة، والتي يدور رحاها داخل المناطق المأهولة بالسكان، وهو ما يُعرّض أرواح وممتلكات السكان للخطر.
وطالبت المنظمة في بيان، حكومة الوحدة للعمل فوراً وتكثيف جهودها لوقف هذا الاقتتال بين أجهزتها الرسمية، واستعادة الأمن بمنطقة النزاع وحماية المدنيين وممتلكاتهم، مؤكدة أن التحشيد العسكري لطرفي النزاع سيؤدي إلى خسائر بشرية غير محدودة، وبخاصة مع انتشار السلاح على نحو واسع، أخذا في الاعتبار أن تلك المجموعات المتقاتلة تعاني من نقص في الانضباط، وفق البيان.
إلا أن المراقبون للوضع الليبي، يعلمون جيداً بأن تصريحات ومطالبات المنظمات ليست فعالة في ظل هذه الظروف وفي ظل عدم وجود قوة مؤثرة يمكن أن تردع هذه الجماعات المسلحة.
و يخشى عديد الليبيين من أن يتطور النزاع المسلح من مناطق طرابلس الى مناطق الشرق، ما من شأنه أن يشعل الحرب من جديد.
فهناك حلف مابين باشاغا وقائد الجيش الوطني الليبي، وهناك تربص من قبل الميليشيات لكسر الهدنة والسيطرة على المناطق النفطية التي تقع تحت سيطرة الجيش، وهناك نزاع سياسي وفوضى تغذيها قوى غربية من خلال حلفائهم، في سبيل الاستحواذ على مصادر الطاقة في ليبيا، إثر الأزمة التي يعيشها العالم اليوم بسبب الحرب في أوكرانيا.

ويشدد المراقبون على أن فاغنر كانت تشكل عامل ردع للميليشات، وتخلق توازن قوى، تمنع الأطراف من إشعال النزاع، كما أنها كانت تؤمن حقول النفط وتضمن إستمرار تدفقه، فهو المحرك الرئيسي لإقتصاد ليبيا. وبخروجها، بدأ الخطر يتعاظم، والأزمة تشتد، والنفط ينقطع، وقد ذهب البعض إلى حد الدعوة لرجوع فاغنر من أجل ضمان عدم إندلاع أعمال عسكرية جديدة، والسير على طريق الحوار السياسي الذي بدأه الليبييون منذ أكثر من عام، وحقق منجزات مهمة لأبناء الشعب الليبي.

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص