عبدالسلام نصر عبدالسلام نصر
تغيير الخارطة العالمية:التحالفات القادمة
يبدو أن هناك فترة تاريخية جديدة سيشهدها العالم عنوانها ما بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، حيث تؤكد الأحداث يوما بعد يوم أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان لم يكن من صنع الاستخبارات الأمريكية بل كان هزيمة عسكرية واقتصادية، وأن جل ما حصلت عليه أمريكا من الاتفاق مع طالبان هو تأمين الانسحاب لجيشها من الأراضي الأفغانية. وهذا ما يعكسه الإحساس الأمريكي بالضعف الاستراتيجي في مواجهة الصين، فقد عملت سريعا على البحث عن تحالفات عسكرية جديدة للتموضع الإستراتيجي مقابل العدو المفترض حاليا (التنين الصيني)، إذ أن أكبر فرضية للتحالف الخفي بين طالبان والولايات المتحدة سيكون هدفه الإستراتيجي صناعة دولة معادية للصين في أفغانستان، واذا كان ذلك واقعا فإن الولايات المتحدة لم تنجر بهذه السرعة لصناعة تحالفات أخرى مضادة للصين، طالما وهي تمتك قوة مساعدة على حدودها في أفغانستان. حلف أوكاس الحلف الذي أعلنت عنه الولايات المتحدة مع بريطانيا وأستراليا والذي تضمن تزويد الأخيرة بغواصات نووية جاء على حساب الصفقة الأسترالية الفرنسية التي تتضمن شراء أستراليا لغواصات تقليدية من فرنسا. وسرعة إنجاز هذا التحالف الذي أغضب الحليف الفرنسي، والذي قد يدفع به إلى إتاحة الفرصة للتمدد الصيني في أفريقيا حيث يوجد للفرنسيين قوّات عسكرية ونفوذ سياسي كبير، وتتشارك مع الصين أيضا نفوذا اقتصاديا واضحاً. ورغم ضعف هذا الخيار أمام فرنسا بسبب موقعها الجيوسياسي في القارة الأوربية الذي لا تحبذ مثل هذا التحالف إلا أنه خيار يظل محتملا التنفيذ وإن بصورة خفية، حتى لا تزعج حلفاءها. الاتحاد الأوربي الاتحاد الأوربي الذي لم يكن مرتاحا للانسحاب الأمريكي المفاجئ من أفغانستان دون مشاورته أو إشعاره جعله يشعر مؤخرا بأهمية وجود تحالف عسكري بين مكوناته بعيداً عن النفوذ الأمريكي، وهذا ما شمله بيانه الأخير الذي أكد على الحاجة لإنشاء قوة عسكرية خاصة بالاتحاد. وإذا كان حلف (أوكاس) قد حدد إستراتيجيته في حماية المحيط الهادئ من النفوذ الصيني وأنه سيتمدد لحماية المحيط الهندي، وصرح بأنه قد يشرك دولاً أخرى مثل الهند؛ فإن الحلف الأوربي المفترض سيكون قريباً في إستراتيجيته من تحديد العدو بـ"الصين"، لكنه سيهتم بمنطقة البحر المتوسط وقزوين ولن يمتد بعيدا عن جغرافيته نتيجة لحداثة النشأة وتواضع القوة بالنسبة للأخلاف الأخرى، لذلك فإنه قد يمتد إلى أوكرانيا ويسعى لإصلاح شرخ العلاقة بين أوروبا وتركيا. كما أن هذا الحلف قد يضطر إلى الاحتكاك الدبلوماسي والاستخباراتي بروسيا في ليبيا وسوريا. الصين ومنظمة شنغهاي يبدو أن الصين قد اتجهت لإحياء منظمة شنغهاي، وهي منظمة سياسية وأمنية ولدت في العام ٢٠٠٥م وتضم إلى جانب الصين روسيا وطاجكستان وأوزبكستان وقرغيزستان وكازاخستان. وما يؤكد هذا التوجه، هو إعلان إيران قبول العضوية الكاملة لها في هذه المنظمة والذي يأتي متزامنا مع إعلان التحالف البريطاني الأمريكي الاسترالي. وبذلك تكون إيران قد حددت مكانها في التحالفات القادمة. ولعل من أهم أثار هذه التحالفات عودة الأوضاع في النظام العالمي إلى الحرب الباردة.
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص