تشهد الساحة اليمنية حراكاً مجتمعياً واسعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي، متمثلاً في حملة مكثفة تحت وسم #توطين_الصناعة_اليمنية. تهدف هذه الحملة إلى توعية المجتمع بأهمية إعادة تفعيل وتطوير الإنتاج المحلي كركيزة أساسية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز السيادة الاقتصادية للبلاد. يأتي هذا التوجه في ظل تحديات اقتصادية جمة، حيث تسعى الحملة لتقليص الاعتماد على الواردات التي تستنزف العملة الصعبة وتعيق النمو الاقتصادي المستدام.
التوطين: رؤية اقتصادية متكاملة وليست انغلاقاً
يؤكد القائمون على الحملة أن مفهوم التوطين يتجاوز فكرة الانغلاق الاقتصادي ليصبح تنظيماً عادلاً للسوق المحلية. ويشيرون إلى أن المعارضة لمشروع التوطين لا تعكس دفاعاً عن "حرية السوق" بقدر ما تكرس حالة من الفوضى الاقتصادية التي تُبقي على القطاعات الإنتاجية المحلية، من زراعة وصناعة، في حالة ضعف وتوقف، بينما يظل المستهلك رهينة للمنتجات المستوردة.
تُفنّد الحملة الادعاء بأن فتح السوق بشكل مطلق دون وجود قاعدة إنتاجية محلية قوية يمثل "حرية"، بل تصفه بأنه "عبودية اقتصادية" تُضعف القدرة التنافسية وتُفقد البلاد فرص التنمية. وتتساءل الحملة باستنكار عن منطق استيراد سلع أساسية كالقمح، الدقيق، الحليب، وحتى الخضروات مثل الطماطم والثوم والبصل، في حين يمكن إنتاجها محلياً، معتبرة الرأي الذي يدعو إلى عدم الإنتاج بحجة "امتلاء السوق" بمثابة "عبث اقتصادي" لا يستند إلى أسس سليمة.
محاربة الاستيراد العشوائي ودعم المنتج الوطني
توجه الحملة انتقادات لاذعة للممارسات التجارية التي تستورد سلعاً رديئة وتدعي حماية المستهلك، مؤكدة أن من يقوم بذلك لا يمتلك الحق في مهاجمة مبادرة وطنية تسعى لتمكين العامل والمزارع والصانع اليمني الشريف. كما تشدد على أن الاستيراد العشوائي لم يقتصر تأثيره على إغراق السوق بالمنتجات الأجنبية فحسب، بل أدى أيضاً إلى استنزاف العملة الصعبة، فقدان الوظائف المحلية، والمساس بالكرامة الوطنية.
في المقابل، تؤكد الحملة أن مشروع التوطين لا يُشكل تهديداً للمستثمر الحقيقي الذي يسعى للمساهمة في التنمية الاقتصادية، بل إنه يقلق فقط المتنفذين الذين يفضلون الاحتكار والغياب التنظيمي. وتوضح أن من يخشى التوطين إنما يخشى المنافسة النزيهة وإنهاء عصر الغش والاحتكار في السوق.
التوطين: نحو سيادة اقتصادية ومستقبل مزدهر
تختتم الحملة رسالتها بتأكيد قاطع على أن التوطين هو جوهر السيادة، وميزان العدالة، ومفتاح المستقبل. وتدعو جميع الفعاليات الوطنية إلى التكاتف لدعم هذا المشروع الاستراتيجي، لتحقيق يمنٍ قادر على صنع ما يستهلك، وزراعة ما يأكل، وقيادة قراره الاقتصادي بإرادته المستقلة.
تستمر حملة توطين الصناعة اليمنية في بث رسائلها التوعوية، مؤكدة على ضرورة تضافر الجهود الشعبية والرسمية لتحقيق أهدافها التي تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني والمواطن اليمني، تحت شعارات بارزة مثل #صنع_في_اليمن و #الاكتفاء_الذاتي.