إعداد /
جيولوجي / عبد الغني جغمان *
جيولوجي / احمد العدني*
في تقرير فني يعد الأول من نوعه، نشر الجيولوجيان/ عبدالغني جغمان واحمد محمد العدني تقرير مختصر عن الإمكانات النفطية في حوض الربع الخالي في مجلة "نرتقي لنكتفي" وهي مجلة اقتصادية اجتماعية متنوعة في عددها الحادي عشر الصادر في شهر يوينو ٢٠٢٠م
التقرير الصادر بعنوان "تقييم الإمكانات النفطية من اجل بناء اقتصاد وطني وتحقيق الاكتفاء الذاتي" أشار الى أهمية النفط كمصدر رئيس للطاقة في اليمن، ونظراً لأهميته البالغة فقد اعتبرته الدولة الركيزة الأساسية لبناء اقتصادها الوطني حيث يمثل مصدر تمويل وإقامة مشروعات اقتصادية واجتماعية تنموية تقوم الدولة بتمويلها باعتبارها تمثل البنية التحتية للاقتصاد الوطني، ومصدراً لاستخلاص المشتقات والمنتجات النفطية المختلفة التي ترتبط بها صناعات أساسية وتحويلية عديدة. كما أشار التقرير الى ضرورة العمل على تقييم للموارد النفطية من خلال تقييم شامل للإحتياطيات المؤكدة حالياً والموارد المحتملة (الواعدة) بما في ذلك الموارد غير المكتشفة في القطاعات الإنتاجية والقطاعات الخاضعة لأعمال التنقيب وكذا الموارد في القطاعات المفتوحة الأخرى (البرية والبحرية) التي ما زالت مجهولة بدرجات متفاوتة وتشكل النسبة الأكبر من اجل بناء إقتصاد وطني مستدام..
فعلى سبيل المثال حوض جِزع - قمر (محافظة المهرة وحضرموت) وجنوب حوض الربع الخالي (شمالي محافظة المهرة وحضرموت وشمال شرق مأرب والجوف) - جميعها تُعد مناطق بكر وواعدة لكنها تعاني من شحة المعلومات عنها وربما تمثل مكانة سيبيريا اليمن في المستقبل من حيث مساحتها الشاسعة وبُعدها عن المناطق الحضرية المأهولة ومخزونها الإستراتيجي المحتمل ناهيك عن الاحواض المغمورة مثل حوض سقطرة وحوض البحر الأحمر (تهامة).
من جانب اخر.. تناولت وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً الحديث عن احتياطيات هائلة في الربع الخالي وعن كميات هائلة من النفط في جوف اليمن، واعتمدت هذه المواقع على كثير من المعلومات غير الصحيحة والتي تفتقر الى مصادر علمية ورسمية. وبغرض إطلاع الرأي العام على حقيقة الوضع من ناحية جيولوجية نفطية بحته، تمت كتابة هذا التقرير الموجز، الذي تم فيه عرض المعلومات الفنية الجيولوجية موثقة بمصادرها وتوضيح جيولوجية المنطقة، وما مستوى الإمكانيات النفطية المحتملة بتجرد ومهنية بحته. ليس هذا وحسب بل وتحديد بعض الأرقام الأولية للموارد النفطية، معتمدين على مراجع دولية وابحاث ودراسات تخصصية. والاهم ما هي الخطوات الاستراتيجية التي يجب اتخاذها للوصول إلى تصور واضح عن حجم ما يحتويه هذا الحوض الترسيبي الهام.
أشار التقرير الى ان اليمن لا تزال واعده من ناحية استكشاف حقول واحواض نفطية جديدة، كون أكثر من ٨٠ ٪ من الأحواض الرسوبية في اليمن وهي المناطق المؤهلة لتكوين نظام بترولي لا تزال غير مكتشفة، ويقدر الاحتياطي العام من النفط في الجمهورية اليمنية ب ٩ مليار برميل ، ومن الجدير بالذكر فإن المعلومات المتنامية حول الأحواض الرسوبية في اليمن تشير إلى أن هناك مناطق امتياز عديدة واعدة تقع في أحواض رسوبية، كما إن أعمال الإستكشافات في الأراضي اليمنية و العُمانية وما قامت به السعودية في حوض الربع الخالي سابقاً والتوجه الجديد لها مؤخراً، يستدعي الإهتمام من الجانب اليمني ويتطلب وضع إستراتيجية إستكشافية وتطويرية لكافة الاحواض الترسيبية وعلى وجه الخصوص القطاعات الواقعة في حوض الربع الخالي، مع الإهتمام بنتائج الدراسات والإستكشافات التي أُجريت في الجانب السعودي كونها تعمل في هذا الحوض منذ ١٩٣٨ وحتى الآن.
فيما يخص حوض الربع الخالي والتي تعود لعصر حقب الحياة القديمة وتكويناتها المختلفة وعلى رأسها تكوين قصيبة السيلوري يعد مؤشر إيجابي على إمكانيات هذا الحوض كونه الصخر المصدري الرئيسي للنفط في كافة الجزيرة العربية وسواءً أكانت موارد هيدروكربونية تقليدية أو غير تقليدية وهذا مثبت بعد استكشاف حقول عملاقة مثل الغوار، الشيبة ومؤخرا إستكشاف حقل الجافورة (غير التقليدي).
مؤخراً عقد مؤتمر الأحواض العملاقة ٢٠٢٠، في تكساس الامريكية حيث أكد مدير الاستكشاف في أرامكو أن عمليات الإستكشاف بالحوض لا تزال جارية. وتشير منشورات أقرانه والجيولوجيين الآخرين إلى أن حوض الربع الخالي يحتوي على موارد نفطية كبيرة. على الجانب الآخر من العالم، تبحث هيئة المسح الجيولوجي الأميركية حالياً على وجه التحديد في حوض الربع الخالي لتقييم الموارد غير التقليدية التي يتوقع اكتشافها في العام ٢٠٢٠. وفي حين لم يتم نشر الأرقام الدقيقة بعد، إلا أن البيانات الأولية تظهر إمكانيات واعدةً كبيرة وربما دليلاً على الأهمية الناشئة لـ "لحوض الربع الخالي" كحوض تقليدي وكذا حوض غير تقليدي.
حيث تمثل الموارد الهيدروكربونية التقليدية (الموارد النفطية والغازية والذي تنتج بطرق اعتيادية وبتكلفة اقل مقارنة بغير التقليدي)، بينما يقصد بالموارد الهيدروكربونية غير التقليدية كمية النفط والغاز الذي ينتج بطرق غير تقليدية وذلك لوجوده ممزوج مع الرمال او الصخر او محبوس في مسامات طبقات الصخور المصدرة للنفط وتتطلب وسائل تكنولوجية ومعالجات في عملية إنتاجه.
خلال العقد الماضي، قامت السعودية بإنشاء شركة "جنوب الربع الخالي" والتي يطلق عليها إختصاراً "سراك" (SRAK) بإستكشاف الغاز الطبيعي (الغاز غير التقليدي) في الربع الخالي والتي تم تأسيسها فالعام ٢٠٠٣، وبدء العمل في يناير 2004. في منطقتي العقد الممنوحتين لها بموجب إتفاقية التنقيب والإنتاج في جنوب الربع الخالي. تمتد منطقتا العقد على مساحة ٢١٠ كيلو متر مربع (أي ما يعادل 10% من مساحة اليابسة في المملكة) في جنوب وشرق المملكة العربية السعودية وتغطيان جزءاً كبيراً من حوض جنوب الربع الخالي. وهما مقسمتان إلى مجموعتين من القطع: المجموعة الأولى تقع في منطقة العقد رقم (١) التي تقع بجوار حدود دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان. أما المجموعة الثانية فتقع في منطقة العقد رقم (٢) وتحدها اليمن من الجنوب.
يعد إكتشاف حقل الجافورة الغازي باحتياطيات تصل الى ٢٠٠ تريليون قدم مكعب من الغاز غير التقليدي من اهم الاستكشافات مؤخرا في السعودية، و يقع في الجانب الغربي من حقول الغوار العملاقة في الجزء الشمالي من حوض الربع الخالي (حوض الجافورة)، مما يؤكد الإمكانات النفطية الهائلة وواعديه المناطق المقابلة له والممتدة الى الأراضي اليمنية.
تم اجراء دراسة شاملة وتقييم لاستكشاف وتطوير الاحواض النفطية في اليمن في نهاية عام ٢٠١٩، من قبل شركة اولتارا الاستشارية ULTARE(جغمان، ٢٠١٩)، كمبادرة تهدف الى تقييم الإمكانات النفطية للاحواض الترسيبية والنفطية في اليمن، و تهدف هذه المبادرة الوطنية الى خلق أرضية صلبة من المعلومات والدراسات والرؤى الاستراتييجة التي تخول المعنيين وأصحاب القرار في اتخاذ القرار بإعادة تقييم الفرص النفطية في البلاد. كما تأتي هذه المبادرة بما يحقق أهداف الرؤية الوطنية وأهداف التنمية المستدامة من خلال إيجاد مصدر دخل وطني يساهم في انشاء اقتصاد وطني قوي ومستدام. وفيما يلي ملخص لاهم ما جاء فيها :
شكل 1 خريطة توضيحية لاهم الاحواض الواعدة غير المكتشفة التي يجب التركيز عليها مع تقدير لنسبة المخاطرة فيها
يقع الجزء الجنوبي وبعض الجنوبي الغربي من حوض الربع الخالي في الأراضي اليمنية وحسب خريطة قطاعات الامتياز النفطية (المفتوحة للمستثمرين) تقع القطاعات التالية ضمن حوض الربع الخالي وهي كالتالي: قطاعات (٥٤، ١٢، ٥٩، ٧٩، ٦٠، ٥٠، ٧٧، ٥٧، ٥٨). والتي تم من خلال تحليل الاعمال الاستكشافية وتقييم الابار المحفورة وجود عناصر النظام البترولي وتوفر الطبقات التي تولد النفط في أواسط حوض الربع الخالي في السعودية والامارات وعمان.
حسب المعلومات المتوفرة، قدر التقرير الإحتياطيات النفطية الممكنة (بناءً على ما تم احتسابه في الجانب العُماني من حوض الربع الخالي) بما يقارب اثنين مليار برميل نفط وما يزيد عن ٤٠ تريليون قدم مكعب غاز. ولا يزال هذا الجزء من الحوض بحاجة إلى الحصول على مزيد من البيانات وإجراء دراسات جيولوجية وحوضية مناسبة لتقييم وإعادة تقييم الإمكانيات الهيدروكربونية من النفط والغاز. إذ تُشير التوقعات إلى وجود موارد غازية مهمة أو نفطية يمكن إنتاجها عن طريق التحفيز بالتكسير وحفر الآبار الأفقية على وجه الخصوص.
وأوصى التقرير الجهات المعنية بتبني إطلاق برنامجاً إستراتيجياً لتطوير الحقول النفطية واستكشاف الاحواض غير المستكشفة (البرنامج الوطني للاستكشاف والإنتاج) يخاطب المستقبل للحافظ على ديمومة واستمرار تدفق الثروة البترولية التي تعد عصب الاقتصاد اليمني، ولا يقف هذا البرنامج عند حدود إطالة أعمار الآبار النفطية من خلال حمايتها من التآكل وإدارة عمليات التخطيط والتطبيقات الهندسية، بل يمتد الأمر كذلك إلى السعي نحو زيادة الاحتياطيات من خلال عمليات التنقيب والاستكشاف وذلك من خلال عده توجهات رئيسية:
جيولوجي/ عبدالغني عبدالله جغمان
خبير نفطي في عمليات استكشاف وانتاج النفط وعملية نمذجة ومحاكاة الحقول النفطية وكذا تقييم الفرص الجديدة والواعدة وتقييم الاحتياطيات النفطية. أكثر من ٢٠ عاماً خبرة في العمل الحقلي وإدارة تطوير الحقول النفطية في اليمن ودول الخليج وأوروبا. حاصل على ماجستير MBA في إدارة المعرفة، ودكتوراه في الحوكمة والتنمية المستدامة.
جيولوجي/ أحمد محمد العدني
جيولوجي مكامن نفطية - خبرة في عمليات استكشاف وانتاج النفط وعملية نمذجة المكامن النفطية وتقييم الاحتياطيات النفطية والغازية. أكثر من ١٨ عاماً خبرة في العمل الحقلي وإدارة تطوير المكامن النفطية في اليمن. حاصل على بكالوريوس في الجيوفيزياء وقريباً ماجستير MBA في ريادة الاعمال.